هي ليلة واحدة وفقا لتقديراتنا الزمنية ، لكنها عمر مديد قياسا بما يمكن أن يصدقه العقل فيها، هي رحلة الإسراء والمعراج، التي وضعت فيها قواعد الدين وحدوده ، والتي بينت مدي قدر النبي "صلي الله عليه وسلم" عند ربه ، وأثبتت لجميع المخلوقات أن النظام الإلهي لا عوج فيه ولا نقص، بل هو نظام فريد ودقيق، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ولطالما نتذكر تلك الرحلة الطيبة ، نجد في أنفسنا حاجة للتعايش مع الموقف وتخيل أنفسنا علي البراق ونحن نسبح في ملكوت واسع ومشوق ،ونتعجل الخطي لنصل إلي ما يشعرنا أننا أقرب إلي الله تعالي، وفي السابع والعشرين من شهر رجب المبارك، امتثل النبي لأوامر الخالق وكتب لنا أن نحيا معه في رحاب السموات السبع ونطلع علي ملكوت الله عز وجل، من خلال رحلة الإسراء والمعراج الخالدة إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ولنغوص في أعماق تلك الرحلة ، يجب أن نذكر أنفسنا بما قاله الله تعالي فيها "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ"، فقد بدأ الله تعالي بقوله "سبحان" وهي دليل علي أن ما حدث إنما هي معجزة الإلهية لا يقدر عليها إلا الله ولا مفر من الإيمان بها والأخذ بما جاء فيها.
فهيا نبدأ الرحلة معا لنستمتع بجمال قدرة الله وعظمته وجبروته :
الإسراء بالجسد والروح:
كان إسراء النبي صلي الله عليه وسلم ، ليلا وقد اختلف لعلماء حول كيفية الإسراء أكان في اليقظة أم المنام إلا أن غالبيتهم أجمع أن الإسراء والمعراج كان في حال اليقظة وكان بالروح والجسد معا، وقد جاء في شرح العقيدة الطحاوية : والمعراج حق وقد أسري بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء ثم إلى حيث شاء الله من العلا وأكرمه الله بما شاء وأوحى إليه ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى".
جبريل يهيئ النبي"ص" للرحلة :
قبل أن يدخل النبي "ص" في تجربة هي الأولي والوحيدة له كان لزاما أن يتهيأ النبي لاستقبال ما سيري أو يسمع أو يفعل خلال الرحلة المباركة، ومن هنا قدر الله تعالي أن يشق جبريل الموكل قلب النبي ليزيل منه كل ما يعاني منه البشر من الصفات السيئة والمكروهة، إذ أن النبي "ص" صاعد إلي المملكة الربانية ،فروى البخاري ومسلم ،عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ "بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَدَّ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ - فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي مَا يَعْنِي بِهِ قَالَ مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ- فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا فَغُسِلَ قَلْبِي ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ"
وسيلة المعراج :
ولم تكن الوسيلة لصعود السماء صاروخا أو مركبا فضائيا ، إنما كان براقا ، قد يستهزئ به البعض، إلا أنه حاز شرف حمل أحب الناس إلي الله وخلقه، وأشرفهم مطلقا، بل يكفيه أنه فضل من عند الله علي غيره من الحيوانات التي تتسم بالجمال أو القوة الهائلة، وهذا إنما يدل علي أن الله تعالي لا يفرق بين الخلق مهما كان نوعهم فهم عند الله سواء لكل منهم وظيفته وغاية من خلقه، "ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ - فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ أَنَسٌ نَعَمْ يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ- فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ"
النظام الإلهي الصارم:
وهنا يتبين لنا مدي صرامة ودقة الله تعالي في إدارة مملكته ، فقد سن القواعد السماوية وحدد قوانينا حافظة لقدسية مملكته بالسماء، فهي ليست مملكة محمية بجيوش ولا رجال أمن ، إنما تحميها عناية الله وطاعة الملائكة الحفظة لأوامر مليكهم، حتى مع كونه "ص" حبيب الله ، إلا أن الأوامر الإلهية عندهم لا تفرق بين عدو أو حبيب فهي صارمة نافذة، " فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا ، قَالَ جِبْرِيلُ، قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ ،قَالَ مُحَمَّدٌ ،قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ، قَالَ نَعَمْ، قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ"
ولعلنا أدركنا مدي خصوصية النبي "ص" في السماء ، حيث تثني عليه الملائكة جميعهم ، إلا أننا طوال الرحلة سنلاحظ أنه توجب علي سيدنا جبريل أن يستفتح أي يستأذن للدخول في كل سماء يصعدها، مما يعطي إشارة واضحة علي احترام كل من تشرف لخدمة ملكوت الله لوظيفته ووظيفة غيره .
النبي "ص" يلتقي بآبائه من الأنبياء:
ففي السماء الأولي وبعد أن استفتح جبريل فأذن له بالدخول ، قابل النبي" ص" أبو البشر سيدنا آدم " فَفَتَحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ فَقَالَ هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ"
أما السماء الثانية ، فكان له نصيب رؤية أخواه عيسي ويحي عليهما السلام "إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ قَالَ هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ثُمَّ قَالَا مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ"
وخلال رحلته الشريفة وجبريل عليه السلام يستفتح له أبواب كل سماء فتفتح له ، فإذا به في السماء الثالثة يري الجمال الذي أبهر نسوة فرعون" فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ قَالَ هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ"
ثم صعد إلي السماء الرابعة والتي خصصت لنبي الله إدريس عليه السلام، فسلم عليه " ثُمَّ صَعِدَ ... فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ "
وفي السماء الخامسة "ْ فَإِذَا هَارُونُ قَالَ هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ"
وبدأت في السماء السادسة تتغير وتيرة الأحداث ، فإذ بالنبي "ص" يلقي رسول فرعون وهامان " فَإِذَا مُوسَى قَالَ هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ" لكنه لما رآه ما تمالك نفسه من البكاء قائلا "فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى قِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ أَبْكِي لِأَنَّ غُلَامًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي" وهذه الشهادة الغالية علي أمة محمد تكفينا فخرا وشرفا أننا خير الأمم التي تشرفت بنبوءة الكريم "ص".
وبعيدا عن أخوته من الأنبياء الكرام ، إذ بالنبي "ص" تستفتح له السماء السابعة، لينظر أمامه إذ بأبيه إبراهيم عليه السلام ينظر إليه ،" فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامَ قَالَ مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ"
سدرة المنتهي ....يستظل بها الملائكة:
ونتوقف مع الحبيب "ص" لنسبح بخيالنا في الملأ الأعلى ونطلق العنان إلي شجرة أثني عليها الله تعالي " ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ قَالَ هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى"
وقيل في تفسير قوله تعالي في سورة النجم (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى)، أي: موضع الانتهاء، فالمنتهى اسم مكان أو مصدر ميمي، وقد جاء في الصحيح: (أنها شجرة نبْق في السماء السابعة إليها ينتهي ما يُعرج به من أمر الله من الأرض، فيقبض منها، وما يهبط به من فوقها فيقبض منها)، ولعلها شبهت بالسدرة، كما قال القاضي، لأنهم يجتمعون في ظلها. يعني: أن شجر النبْق يجتمع الناس في ظله، وهذه الشجرة أيضاً يجتمع عندها الملائكة، فشبهت بها، وسميت سدرة لذلك، والله تعالى أعلم.
ورأي النبي "ص" أربعة أنهار بالجنة "وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ فَقُلْتُ مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ"
وقيل في معني ذلك أن النهران الظاهران هما النيل والفرات , ومعنى ذلك أن رسالته ستتوطن الأودية الخصبة فى النيل والفرات , وسيكون أهلها حملة الإسلام جيلاً بعد جيل , وليس معناه أن مياه النهرين تنبع من الجنة.
البيت المعمور :
" ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ"، فبعد أن انتهي النبي" ص" من العروج عبر السموات السبع إلي أن استقر في آخرهن، رفع له البيت المعمور، وتتعدد الروايات في عدد الملائكة الذين يلجون البيت المعمور إلا أن أصحها وأكثرها إجماعا، عن الطبري : أن عليا سئل : ما البيت المعمور ؟ فقال : "بيت في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا ، يقال له : الضراح بضم الضاد المعجمة وتخفيف الراء وحاء مهملة".
النبي "ص" يختار لأمته الفطرة:
لعل جميعنا يستذكر ذلك الحدث الجليل وقلوبنا مليئة بالرضا والفخر بنبينا "ص" حيث اختار لأمته التي يحبها كثيرا أن تعيش علي الفطرة والجبلة التي ارتضاها الله لنا ، ولم يضعنا في ظلمات الشهوات وإرضاء النفس بأرخص السبل وأدناها ،" ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ".
النبي "ص"يحاول مع ربه لتخفيف العبادة عنا :
والمتابع بشغف لأحداث تلك الرحلة العظيمة والمهولة ، سيلاحظ دوما تفضيل النبي "ص" لصالح أمته عن صالحه الشخصي ،وتستبين هذه الشيمة الجلية في أمر الله تعالي نبيه بفرض الصلاة خمسين صلاة كل يوم، فإذ بالنبي يحاول جاهدا مع ربه ليخفف عنا العبادة ويكتب لنا من الدين أيسره إلي أن أرضاه الله بخمس صلوات في الأداء وخمسين في الميزان.
"ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ بِمَا أُمِرْتَ قَالَ أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ ...فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ..... قُلْتُ أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ قَالَ سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ قَالَ فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي".
وهكذا أخذ النبي يتفاوض مع ربه إيابا من السماء السادسة وذهابا إلي السابعة وكل هذا من أجل أمة الإسلام، ونلاحظ هنا بروز مبدأ الشورى والتي نطلق عليها في العصر الحديث "الديمقراطية" من قبل الله تعالي بكامل عظمته كطرف أول ، وبين النبيين محمد وموسي "عليهما الصلاة والسلام"كطرف ثاني، إذ يشرع الله الصلاة خمسين ، فيتفاوض إليه النبي بعد أن يأخذ بمشورة سيدنا موسي ، ويعود محاورا ربه ليرضي الله تعالي عن خمس صلوات يومية.
أهوال ...وأهوال
خلال مروره الكريم "ص" عبر السموات السبع وهو يري عذاب العصاة علي شتي الألوان ،يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله أن النبي في بداية الرحلة "كان يسأل جبريل عليه السلام عما يسمع أو يرى فيجيبه ،ولكنه عندما صعد الي السماء كان يري الأشياء علي حقيقتها فلم يسأل جبريل عنها، إذا فقد تحول شيء في ذاتية محمد "ص" وأصبحت له ذاتية فاهمة بلا واسطة جبريل"
وقد رأى النبي "ص" الجنة والنار ، ورأي مالك خازن النار عابس الوجه, ليس على وجهه بشر وبشاشة ,ورأي أكلة أموال اليتامى ظلماً لهم مشافر كمشافر الإبل , يقذفون فى أفواههم قطعاً من نار كالأفهار , فتخرج من أدبارهم.
ومرورا علي النار شاهد النبي "ص" أكلة الربا لهم بطون كبيرة , لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم.
ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن يأكلون من الغث المنتن , ويتركون الطيب السمين، ورأى النساء اللاتى يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم , رآهن معلقات من أثدائهن
ورأى عيراً من أهل مكة فى الذهاب والإياب , وقد دلهم على بعير ندّ لهم , وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون , ثم ترك الإناء مغطى , وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه فى صباح ليلة الإسراء.
الإسراء والمعراج ..في جملة:
وبعد هذا العرض الشيق وقد أسعدنا قلوبنا وانتعشت عقولنا ، نتذكر وبألم ما آل إليه المسجد الأقصي من سيطرة الكفرة الخونة وتخاذل مسلمي العالم، علي الرغم من أن الأقصي مسجد وقبلة جميع من انتمي للإسلام ، إلا أننا قد قصرنا حق الدفاع عنه بيد مسلمي فلسطين فقط ، ولاحول ولا قوة الا بالله، فإلي متي نتهاون في الدفاع عنه؟؟.